أطفال التوحد وكيفية التعامل معهم

يعرف “اضطرابات طيف التوحد” بأنه مجموعة من الاضطرابات المعقدة في النمو العصبي بالدماغ.  ويشمل المصابين باضطرابات التفكك في مرحلة الطفولة ومتلازمة آسبرغر. في البداية يواجه أهل الطفل والمجتمع صعوبات في التفاعل والتواصل معه، بسبب ضعف المهارات اللغوية ، وضيق نطاق أوجه الاهتمامات والأنشطة لديه،

 وتندرج هذه الاضطرابات حاليًّا في فئة اضطرابات النمو المتفشية ضمن فئة أعم هي الاضطرابات النفسية والسلوكية في التصنيف الإحصائي الدولي للأمراض والمشكلات المتعلقة بالصحة. و تظهر بعض علامات اضطراب طيف التوحد على الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، مثل قلة الاتصال بالعين، أو عدم الاستجابة للمناداة بالاسم، أو عدم الاكتراث لمقدمي الرعاية. قد ينمو أطفال آخرون بشكل طبيعي خلال الأشهر أو السنوات القليلة الأولى من العمر، لكنهم يصبحون فجأةً انطوائيين أو عدوانين أو يفقدون المهارات اللغوية التي قد اكتسبوها بالفعل.  ويعاني الأشخاص المصابون باضطرابات طيف التوحد في الغالب اعتلالاتٍ أخرى مصاحبة، تشمل الصرع والاكتئاب والقلق واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، و التغير. في مستوى الأداء الذهني وهو يتراوح بين قصور شديد وآخر طاغٍ في مهارات المريض المعرفية غير اللفظية.

وتشير التقديرات إلى أن حوالي 50% من المصابين بالاضطرابات المذكورة يعانون أيضًا من إعاقات ذهنية، و يتراوح معدل ذكاء الأطفال الآخرون الذين يعانون هذا الاضطراب من طبيعي إلى مرتفع -إذ إنهم يتعلمون بسرعة، إلا أن لديهم مشكلة في التواصل وتطبيق ما يعرفونه في الحياة اليومية والتكيف مع المواقف الاجتماعية.و من المهم التدخل في مرحلة الطفولة المبكرة لتعزيز نمو الأطفال المصابين باضطرابات طيف التوحد وعافيتهم على أمثل وجه. ويوصى برصد نمو الطفل في إطار الرعاية الروتينية لصحة الأم والطفل، فوجود طفل مصاب بالتوحد في العائلة يُشكل تحدي لجميع أفرادها، ولتقليل المخاوف وزيادة القدرة على تجاوز الفترات الصعبة، لذا من المهم أن تتاح لهؤلاء الأطفال وأسرهم المعلومات التوجيهة والخدمات والفرص لإحالتهم إلى المرافق المختصة، ويوفر لهم الدعم العملي وفق احتياجاتهم الفردية.

كيفية التعامل مع أطفال التوحد

 تتسم احتياجات المصابين باضطرابات طيف التوحد في مجال الرعاية الصحية بتعقيدها، وتشير الدراسات العلمية إلى أن عوامل عديدة وراثية وبيئية على حدٍّ سواء تُسهم في ظهور اضطرابات طيف التوحد عبر التأثير في نمو الدماغ بوقت مبكر، و أن طفلًا واحدًا من بين كل 160 طفلًا يصاب باضطرابات طيف التوحد. وتمثل تلك التقديرات عدد الحالات في المتوسط، وتتباين معدلات انتشارها تبايُنًا كبيرًا وفق الدراسات، بيد أن بعض الدراسات الحديثة تفيد بمعدلات انتشار أعلى بكثير من ذلك، لذا تستلزم مجموعةً من الخدمات المتكاملة، تشمل تعزيز الصحة والرعاية وخدمات إعادة التأهيل، والتعاون مع قطاعات أخرى، مثل قطاعات التعليم والعمل والرعاية الاجتماعية، ومن الضروري أن تكون هذه التدخلات تستهدف إجراءات أوسع نطاقًا ترمي إلى جعل البيئات أيسر منالًا وأكثر شمولًا ودعمًا من الناحية المادية والاجتماعية والسلوكية.

كما يصعب على مربية أو معلمة الطفل في المدرسة التعامل مع الطفل المصاب بالتوحد في الغرفة الصفية، فالمعلمة الذكية تحاول التعرف عليه، والاستفادة منها في تعليمه، وذلك من خلال مراقبة الطفل وإيلائه بعض الاهتمام.اكتشاف الطريقة المُثلى لتعلّم الطفل باستخدام وسائل تعليمية بصرية أو حسية ، وطلب المساعدة من معلمة أخرى لمساعدتها على إدارة الصف وباقي التلاميذ، في حين تتمكن هي من قضاء بعض الوقت الخاص مع الطفل المصاب بالتوحد لتعليمه والتواصل معه بطريقة أفضل، ليصبح لديها قدرة على أن تخصص بقعة صغيرة يمكنه الجلوس فيها إذا عمت الفوضى والإزعاج الغرفة الصفية.

يجدر التنويه إلى أنّ مسؤولية العناية بالطفل المصاب بالتوحد لا تقع على الوالدين فحسب بل يجب أن تتوزع على جميع أفراد الأسرة، وذلك لتخفيف الضغط النفسي الذي سيتولد على الآباء بالرغم من أن المسؤولية الأكبر والأهم ستبقى عليهم، فالمصابون بالتوحد قد يواجهون مشاكل عدة بالتواصل الجسدي والتعبير الشفهي، لذلك من الضروري على الآباء والأشخاص المحيطين تخمين ما يرغب به طفلهم المصاب لمعرفة احتياجاته ورغباته، وذلك قد يتطلب في بعض الأحيان التخلي عن الحياة الاجتماعية الطبيعية للأباء بسبب صعوبة فهم الآخرين لطفل التوحد أو عدم قبوله بينهم، وترافق الصعوبة الاجتماعية التي يواجهها الآباء مشاعر عجز وحزن حول مستقبل ابنهم المصاب، لكن ورغم جميع هذه الضغوطات يجب محاولة إيجاد طرق للتخلص من التوتر والحفاظ على أسرة سعيدة، وذلك يمكن تحقيقه عند إعطاء الآباء وقت خاص من حين لآخر للاستراحة بعيداً عن واجبات العناية بابنهم المصاب، عن طريق دعم أفراد الأسرة الآخرين والقيام برعاية الطفل عدة ساعات فهذا من شأنه أن يُساعد على إعادة شحن طاقة الأبوين وزيادة قدرتهما على العودة للعناية بابنهم والحفاظ على علاقات أسرية متينة

إن طريقة التفاعل مع تصرفات الطفل المصاب بالتوحد أمر في غاية الأهمية، ويجب تعلم كيفية الثبات والتعامل بأسلوب صحيح مع السلوكيات الصعبة التي يمارسها، ولأجل ذلك ينصح بالتعرف على ما يفعله المعالجون المختصون واتباع هذه الأساليب في المنزل، كما أن للتعزيز الإيجابي تأثير هائل على الأطفال المصابين بالتوحد، لذلك ينصح بمدحهم باستمرار عندما يتصرفون بطريقة جيدة أو عندما يتعلمون مهارة جديدة.