ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان عن سائر خلقه بالعقل، فعقل الإنسان نظام كامل بحد ذاته، لكن للأسف قد يتعرض هذا النظام لمؤثرات داخلية او خارجية، قد تؤدي الى عطل في تأدية الوظائف بالشكل الصحيح. في هذه المقال سنتعرف على كل من ظاهرة النسيان والشرود الذهني وضعف التركيز والتلعثم في الكلام وكيفية الحد منهم.
ظاهرة النسيان والشرود الذهني
يُعرف النسيان على أنه فقدان للمعلومات التي تم تخزينها بشكل مسبق، وعدم القدرة على استرجاع هذه المعلومات.قد يكون النسيان أمرا طبيعياً، فقد أنعم الله علينا بنعمة النسيان لتخطي مصاعب الحياة، وقد يكون حالة مرضية وفي هذه الحالة يجب اللجوء الى طبيب مختص.
حفظ المعلومات في العقل البشري يمر بعدة مراحل تماماً كحفظ المعلومات على جهاز الحاسوب تبدأ بمرحلة الترميز، تليها مرحلة التخزين، وأخيراً مرحلة الاسترجاع. يقوم العقل بفك الترميز الذي قام به لحفظ المعلومة ما يؤدي إلى النسيان.
أسباب النسيان
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى النسيان منها:
- التقدم بالعمر.
- الإجهاد النفسي والمعرفي.
- وجود أمراض يرافقها ظاهرة النسيان.
- الاكتئاب: إذ يسبب الاضطرابات والتشتت في الدماغ.
- السلوكيات الخاطئة كتعاطي المخدرات والكحول.
- تناول بعض الأدوية، مثل المنومات وأدوية الاكتئاب وعلاجات السرطان وأدوية المعدة.
- اضطرابات الغدة الدرقية، إن أي خلل يحدث في إفرازات الغدة الدرقية يتسبب في خلل وظائف الجسم ومنها وظائف الدماغ.
- نقص عناصر غذائية مهمة للذاكرة: إن التغذية مهمة للصحة الجسدية والعقلية وتؤدي التغذية السيئة إلى إعاقة القدرة على التفكير وتضر بالذاكرة، إذ أن النقص في فيتامين B12 يؤثر في صحة الدماغ والأعصاب.
يجب معرفة وتشخيص سبب النسيان من قبل الطبيب ليتم علاج المسببات بالتالي علاج مشكلة النسيان.
الشرود الذهني
الشرود الذهني أو ما نطلق عليه بالسرحان هو انتقال الفكر لمكان آخر للتفكير بموضوع ما مع بقاء جسم الشخص في مكانه. يعتبر حدوث الشرود الذهني أمر طبيعي لجميع الأشخاص في مختلف الفئات وتتراوح مدته الطبيعية من دقيقة إلى دقيقتين، لكن تعمق الشخص بالشرود الذهني لمدة طويلة وزيادة مرات الشرود يؤكد على أن الشخص مصاب بخلل نفسي مما يؤثر على تحصيل الشخص على مستوى الحياة الأكاديمية والاجتماعية وعدم تكيفه مع المحيط من حوله.
أسباب الشرود الذهني
تختلف أسباب الشرود الذهني حسب الفئة العمرية ومدى تأثر الشخص بهذه الأسباب. حيث يعتبر الأطفال أكثر الفئات العمرية تعرضا للشرود الذهني الذي قد يتفاقم ويصبح مشكلة نفسية خطيرة، من هذه الأسباب:
- أسباب اجتماعية
تتضمن الحياة الاجتماعية على المستوى الأسري كحدوث الطلاق، والمنازعات بين الوالدين، أو وفاة أحدهما، والتعنيف الأسري، والفقر، وسوء المعيشة.
- أسباب خارجية تتعلق بالبيئة المحيطة
مثل: الضوضاء، وسوء المسكن وضيقه، وبالإضافة إلى التمييز بين الأقران.
- أسباب صحية
إن الشخص الذي يعاني من أمراض يؤدي تفكيره الزائد بها لحدوث اضطرابات تبدأ بالشرود الذهني وقد تتفاقم للأسوء.
من الأسباب الآخرى للشرود الذهني
- وجود نقاط ضعف في الشخصية.
- الأزمات المادية.
- كثرة التفكير.
- الخوف من المستقبل.
علاج الشرود الذهني
- التخلص من المشاكل الأسرية وإيجاد حلول قطعية لها.
- توفير الاهتمام الصحي.
- احتواء الشخص ورفع معنوياته النفسية.
- تحسين البيئة المحيطة بالشخص و تقليل الضغوط النفسية.
- تعزيز الثقة بالنفس.
- الابتعاد عن الأشخاص السلبيين.
- تنظيم الوقت واستغلاله.
ضعف التركيز
يقصد بضعف التركيز ضعف قدرة الشخص على تصفية ذهنه وتركيز انتباهه على ما يقوم به. وهي ظاهرة شائعة لا تقتصر على فئة ما فهي تحدث مع جميع الأشخاص دون استثناء.
أسباب ضعف التركيز
- الضغوط النفسية.
- عدم اهتمام الشخص بما يقوم به.
- قلة النوم وسوء التغذية.
- البيئة المحيطة ومدى تأثيرها على الشخص.
- الخوف من المستقبل
- ظروف العمل.
- المشاكل اليومية.
- المشاكل المعرفية التي تشمل: اضطراب نقص الانتباه، وصعوبات التعلم، واضطرابات الرؤية، والهذيان، والخرف.
طرق تعزيز قدرات التفكير
- التقليل من الضغوط النفسية.
- تنظيم الوقت واتباع نظام صحي متوازن.
- تناول المغذيات والعناصر التي تعزز التفكير كالجوز، واللوز، والبندق.
- ممارسة التمارين الرياضية التي تهدف إلى تصفية الذهن كاليوغا.
- الانفراد في الطبيعة وتأملها لتصفية الذهن والتخلص من الطاقة السلبية.
التلعثم في الكلام
ظاهرة التلعثم أو ما نطلق عليه بالتأتأة هي اضطراب في النطق يؤدي إلى عدم النطق الصحيح وحدوث فواصل أثناء الكلام ما يعيق عملية الفهم لدى المتلقي أحياناً. تحدت مشكلة التلعثم عادةً في مرحلة الطفولة وقد تمتد إلى ما بعد ذلك. قد تكون مشكلة التلعثم مؤقتة لفترة زمنية تنتهي بعد ذلك، أو دائمة تستمر وترافق الشخص طوال عمره.
أسباب التلعثم
- خلل خلقي.
- عوامل وراثية.
- الخوف والصدمات النفسية المفاجئة.
- القلق النفسي.
علاج التلعثم
أبرز الطرق المتبعة في علاج التلعثم:
- ممارسة تمارين التحكم بالتنفس، والتي قد تساعد على تحسين النطق.
- العلاج باستخدام بعض الأجهزة الإلكترونية، حيث قد يتم استخدام سماعة خاصة لمساعدة المصاب على سماع صدى صوته أثناء النطق مما قد يشعره وكأنه يحادث شخصًا اخر، وهي تقنية قد تساعد على علاج التلعثم في بعض الحالات.
- علاج تعديل التلعثم، والذي يعتمد على تدريب المصاب على تقليل الجهد المبذول أثناء محاولة النطق مما قد يساعد على تسهيل النطق.
- علاجات أخرى، مثل: علاجات النطق، والعلاج المعرفي السلوكي والعلاج النفسي، والعلاج المعتمد على انخراط الوالدين بممارسات إيجابية مع الطفل.
تأثير التلعثم على الحياة الأكاديمية والإجتماعية
تؤدي مشكلة التلعثم إلى حدوث مشاكل على صعيد الحياة الأكاديمية والإجتماعية في آنٍ واحد. فالشخص الذي يعاني من التلعثم لا يستطيع النطق بشكل سهل وسريع مما يؤدي إلى تقاعسه في الدراسة وخوفه من الإقدام على المشاركة والتفاعل مع الطلاب والمعلمين.
كما ويعاني الشخص المتلعثم من صعوبة في ايصال فكرته ومضمون كلامه للأشخاص الآخرين مما يبطل من إمكانية فعاليته بين أقرانه. تؤثر هذه الظاهرة على الحياة الإجتماعية والتواصل مع الآخرين بشكل كبير، فقد يتعرض الشخص الذي يعاني من التلعثم للسخرية والإضطهاد مما يثير السخط في نفسه ويقبل على قطع جميع أواصر التواصل، مما يؤدي إلى حدوث مشاكل نفسية على مستوى كبير.
لكن
من الملفت للنظر الإشارة إلى أن كل من ظاهرة النسيان والشرود الذهني وضعف التركيز والتلعثم في الكلام لا يمكنهم أن يكونوا عائقا أمام الفرد لتحقيق أحلامه والمضي قدما في حياته، وقد أثبتت التجارب ذلك، إذ أن هناك العديد من مشاهير العالم الذي وصلوا إلى قمة المجد والشهرة كانوا يعانون من مشكلة التلعثم في الكلام، ونذكر منهم: نابليون بونابرت، تشرشل، داروين، نيوتن، الملك تشارلز الأول.
اترك رد