من الممكن أن يحدث الكثير بعد أعقاب الجلطة الدماغية، فهناك أشخاص يتحدثون بلهجة أجنبية أو حتى يصبحون غير قادرين على التحدث بلغتهم الأم، ويمكنهم فقط التحدث بلغة أجنبية.
إنه لأمر غريب .. كيف يحصل ذلك!!
بعد اصابتها بسكتة دماغية، أصبحت ليو جيايو التي عاشت في الصين طوال حياتها فجأة تتحدث اللغة الانجليزية فقط، تجيب ليا التي تعيش في مقاطعة هونان الصينية على سؤال وجهه اليها باللغة الصينية حول عمرها، باللغة الانجليزية قائلة “أربعة وتسعون”.وفقاً لما صرحت به ليا بأنها أمضت فترة كبيرة فيما سبق في تعلم الغة الانجليزية.
الامر نفسه قد حصل لرجل انجليزي أصبح يتحدث اللغة الويلزية فقط بعد اصابته بالجلطة، على الرغم من أنه لم يعش في ويلزيا لمدة 70 عام. وهناك حالة آخرى لآمرأة المانية تعيش في الجزء الشرقي من البلاد أصبحت تتحدث الألمانية السويسرية بعد اصابتها بجلطة دماغية، بالرغم من عدم ذهابها إلى سويسرا على الإطلاق.
هناك العديد من الحالات الآخرى التي يتحدث فيها الأفراد بشكل مفاجئ بلكنة أجنبية أو حتى بلغة أجنبية بعد إصابتهم بسكتة دماغية.
كيف يمكن أن تتغير لغتنا بعد الاصابة بسكتة دماغية؟
تقول أنيا لويت بأن “هذه الحالات نادرة ، لكن هناك تفسير لها” ، هاجرت لويت قبل 30 عامًا من ألمانيا إلى بريطانيا للبحث في علم اللغة وعلاج النطق، كما انها تتعامل مع التغيرات اللغوية التي تحصل نتيجة السكتات الدماغية.
يمكن تصنيف الحالتين أعلاه إلى فئتين: الأولى عندما يتحدث الأفراد بلغة أجنبية فقط بعد السكته الدماغية وهي ما يطلق عليها بـ “الحبسة ثنائية اللغة” وهو مصطلح يشير إلى فقدان القدرة على الكلام لدى الأفراد القادرين على التحدث بلغتين أو أكثر. أم في حال تحدثهم بلغة الأم ولكن بلكنةٍ يظن المستمعون أنها أجنبية تعرف هذه الحالة بمتلازمة اللكنة الأجنبية، فالمرأة البريطانية المذكورة أعلاه لم تكتسب في الواقع لهجة فرنسية، وانما تغير نطقها نتيجة إصابتها بسكتة دماغية وصادف أنها تبدو وكأنها لهجة فرنسية لآذان البريطانيين.
تحدث السكتة الدماغية عندما لا يتم تزويد منطقة معينة من الدماغ بالدم. ومع ذلك ، فإن التغييرات في اللغة لا تحدث فقط بعد السكتة الدماغية. فهناك طالب أمريكي استيقظ وهو يتحدث الإسبانية فقط بعد تعرضه إلى إصابة في الرأس ودخوله في غيبوبة قصيرة في مباراة كرة قدم .
تقدم لويت مثالا آخر لإمرآة بريطانية اكتسبت لهجة فرنسية بعد معاناتها مع صداع نصفي حاد في الرأس. ومريض آخر اكتسب لهجة أجنبية غير معروفة بعد حالة مرضية استمرت أسبوعً بسبب التطعيم.
التحدث بلغة أجنبية بدلاً من اللغة الأم.
ماذا لو كنت لا تتحدث بلهجة شبيهة بلغة أجنبية فحسب، بل لغة مختلفة تمامًا؟، في حالة الحبسة ثنائية اللغة هذه، تفسر لويت قائلة أنه في مثل هذه الحالات لا بد أن يكون قد سبق للشخص من قبل تعلم اللغة الجديدة التي بدأ التحدث بها، وتضيف قائلة أنه هناك انواع مختلفة من هذه الظاهرة.
لا يزال بإمكان معظم الأشخاص التحدث بجميع اللغات التي يعرفونها، ولكن يمكن أن تتأثر هذه اللغات بدرجات متفواته، ففي حالات نادرة، يمكن للمصابين بالسكتة الدماغية التحدث بلغتهم الأم فقط، ولكن ليس اللغة الأجنبية التي تعلموها، والبعض الآخر من الأفراد يمكنهم التحدث باللغة الأجنبية فقط، ولكن ليس بلغتهم الأم وعادة ما يكون ذلك لفترة مؤقتة.
وفي حالات نادرة جدًا، يمكن للمرضى التحدث بلغة واحدة فقط في يوم واحد والاخرى في اليوم التالي، وعدم المقدرة على التحدث بلغة ما، لا يعني بالضرورة عدم القدرة على فهمها.
تشبه لويت أدمغتنا بخازنة الملابس فتقول” يمكننا أن نتخيل أدمغتنا مثل خزانة ملابس بها أشياء مختلفة، فهناك منطقة في خزانة الملابس مخصصة للجوارب، تمامًا كما يوجد منطقة في الدماغ خاصة بالتحدث.
وتضيف لويت بأن الاعتقاد السائد بأن اللغات الأجنبية واللغة الأم يقع كل منهما في مناطق دماغية مختلفة تمامًا قد عفا عليه الزمان. لكن الأمر أشبه بأن يتخيل الفرد بأن الجوارب مرتبة حسب اللون وكل لون يمثل لغة.
التحدث بالانجليزية يوم الاثنين والألمانية الثلاثاء.
يحاول الباحثون منذ فترة طويلة شرح ما يقود إلى أنماط الاضطراب المختلفة في تحدث اللغات. لتوضيح الأمر ببساطة، يمكن القول بأنه بعد حدوث السكتة الدماغية، لم يعد لدى الدماغ القدرة الكافية لبناء الارتباطات العصبية في نفس الوقت وبنفس السرعة. يوضح لويت أنه وبالاعتماد على ما يتلقاه الدماغ من نبضات عصبية، قد يكون من الأسهل التحدث بلغة واحدة فقط.
إذا كان الشخص ثنائي اللغة، مثل الباحثة لويت التي عانت من فقدان القدرة على الكلام بعد سكتة دماغية، يمكن القول بأنه من المرجح أن يستخدم الدماغ لغتها الأم كونها اللغة التي تعلمتها أولاً.
قد تفترض نظرية أخرى أنه سيكون من الأسهل استخدام لغتها الثانية ” الإنجليزية”، لأنها تحدثت بها كثيرًا على مدار الثلاثين عامًا المنصرمة. ولكن حتى بعد الاصابة بسكتة دماغية ، يمكن أن يحصل في يوم الاثنين تحفيز للدماغ بواسطة شخص أو صورة أو فكرة للتحدث باللغة الإنجليزية ويبقى الدماغ في ذلك اليوم متمسكا بهذه اللغة لتوفير الجهد. في وقت لاحق، يمكن أن يقوم الدماغ بتفعيل وبدء التحدث باللغة الألمانية من جديد.
هل تعود الأمور إلى طبيعتها
تعود اللغتين التي يتحدث بهم الشخص من جديد في معظم حالات “الحبسة ثنائية اللغة” ، من المعروف أنه بعد السكتة الدماغية تموت مناطق معينة من الدماغ، ولكن بناءا على عمر الشخص، يمكن للدماغ استخدام مناطق أخرى لتحل محل المناطق الميتة. توضح لويت بأنه من الممكن زيادة فعالية هذه العملية عن طريق دعمها بالعلاج.
أما بخصوص متلازمة اللكنة الأجنبية، من المهم استشارة العديد من المتخصصين بشأنها.
يمكن أيضاً أن يكون العلاج النفسي ذو أهمية بالغة، يكمن السبب وراء ذلك بأن فقدان أسلوب المرء في الكلام غالبًا ما يكون مصحوبًا “بأزمة الهوية” وهي المرحلة التي يبدأ الشخص فيها بالتساؤل عن الشعور بالذات أو الهوية. لا تزال أفضل أنواع العلاج قيد البحث، ولكن يصعب إجراء الدراسات على مثل هذه الحالات بسبب ندرتها.
يمكن أن تحدث اضطرابات النطق في مرحلة الشيخوخة ليس فقط بعد السكتات الدماغية، ولكن أيضًا في أنواع معينة من الخرف ، والذي بدوره يضعف قدرة الدماغ على إيجاد الكلمات، تصحيح القواعد والنطق. يكمن الفرق بين السكتة الدماغية والخرف بأنه في حالة السكته يكون التأثير كبيراً في البداية، ثم تتحسن قدرة الدماغ تدريجاً فيما بعد.
اترك رد