يتناول المقال تعريف عام بمرض التوحد وبعض سمات طفل التوحد وأبرز الأعراض الخاصة بمرض التوحد وكيفية علاجها، بالإضافة إلى الإجابة عن فيما إذ يستطيع الطفل المصاب بالتوحد فهم الكلام ، و هل يحب طفل التوحد الحضن أم لا وما شعوره اتجاهه.
ما هو مرض طيف التوحد
مرض التوحد ( بالإنجليزية Autism) هو أحد الاضطرابات التابعة لمجموعة من اضطرابات التطور المسماة بلغة الطبّ “اضطرابات في الطيف الذاتويّ” Autism Spectrum Disorders – ASD” “. تظهر في سن الرضاعة، قبل بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات على الأغلب.
بالرغم من اختلاف خطورة وأعراض مرض التوحد من حالة إلى أخرى، إلا أن جميع اضطرابات الطيف الذاتويّ تؤثر على قدرة الطفل على الاتصال مع المحيطين به، وتطوير علاقات متبادلة معهم.
تُظهر التقديرات أن ستة أطفال من أصل ألف طفل في الولايات المتحدة الأميركية يعانون من مرض التوحد، وأن عدد الحالات المشخصة في هذا الاضطراب تزداد بمعدل دائم.
ما هي سمات طفل التوحد
يعاني الأطفال المصابون بمرض التوحد من عدة أعراض عادة ما تظهر في العديد من جوانب الحياة لديهم ويمكن ذكر أهمها كالتالي:
- صعوبة التواصل الاجتماعي مع الآخرين
تتميز حالات مرض التوحد شديدة الخطورة في غالبية الحالات بعدم القدرة المطلقة على التواصل أو على إقامة علاقات متبادلة مع أشخاص آخرين.
- صعوبة التواصل اللغوي
يعاني أطفال التوحد منذ الولادة بفقدان القدرة اللغوية، في حين تظهر أعراض التوحد عند أغلب الاطفال في سن الرضاعة، بينما قد ينشأ أطفال آخرون ويتطورون بصورة طبيعية تماما خلال الأشهر أو السنوات الأولى من حياتهم لكنهم يصبحون فجأة منغلقين على أنفسهم وعدائيين، أو يفقدون المهارات اللغوية التي اكتسبوها حتى تلك اللحظة.
- تغير السلوك
نظراً لإختلاف علامات وأعراض مرض التوحد من مريض إلى آخر، فمن المرجح أن يتصرف كل واحد من طفلين مختلفين مع نفس التشخيص الطبي بطرق مختلفة جدا وأن تكون لدى كل منهما مهارات مختلفة كليا عن الآخر.
أعراض مرض الوحد
قبل اكمال الحديث عن مرض التوحد دعونا نشاهد مصطفى وقصته مع ابنه صاحب الثلاث سنوات وكيف تمكن من تغير حياته ابنه إلى الأفضل.
بالرغم من أن كل طفل يعاني من أعراض مرض التوحد يظهر طباعاً وأنماطاً خاصة به، إلا أن المميزات التالية هي الأكثر شيوعا لهذا النوع من الاضطراب:
المهارات الاجتماعية:
- لا يستجيب لمناداة اسمه
- لا يُكثر من الاتصال البصريّ المباشر
- غالبا ما يبدو أنه لا يسمع محدّثه
- يرفض العناق أو ينكمش على نفسه
- يبدو إنه لا يدرك مشاعر وأحاسيس الآخرين
- يبدو أنه يفضل أن يلعب لوحده، ويبقى في عالمه الشخصي الخاص به.
المهارات اللغوية:
- يبدأ بنطق الكلمات في سن متأخرة مقارنة بالأطفال الآخرين.
- يفقد القدرة على قول كلمات أو جمل معينة كان يعرفها في السابق.
- يقيم اتصالا بصريا حينما يريد شيئا ما.
- يتحدث بصوت غريب أو بنبرات وايقاعات مختلفة.
- يتكلم باستعمال صوت غنائي وتيريّ أو بصوت يشبه صوت الإنسان الآلي.
- لا يستطيع المبادرة إلى محادثة أو الاستمرار في محادثة قائمة.
- قد يكرر كلمات، عبارات أو مصطلحات، لكنه لا يعرف كيفية استعمالها.
- ينفذ حركات متكررة مثل، الهزاز، الدوران في دوائر أو التلويح باليدين.
- ينمّي عادات وطقوسا يكررها دائما.
- يفقد سكينته لدى حصول أي تغير، حتى التغيير الأبسط أو الأصغر، في هذه العادات أو في الطقوس.
- دائم الحركة.
- شديد الحساسية بشكل مبالغ فيه للضوء والصوت أو اللمس، لكنه غير قادر على الإحساس بالألم.
- يصاب بالذهول والانبهار من أجزاء معينة من الأغراض، مثل دوران عجل في سيارة لعبة.
يعاني الأطفال صغار السن من صعوبات عندما يُطلب منهم مشاركة تجاربهم مع الآخرين، وعند قراءة قصة لهم على سبيل المثال لا يستطيعون التأشير بإصبعهم على الصور في الكتاب. هذه المهارة الاجتماعية التي تتطور في سن مبكرة جدا تعد ضرورية لتطوير مهارات لغوية واجتماعية في مرحلة لاحقة من النمو.
هل يفهم طفل التوحد الكلام؟
من الممكن أن يكون أطفال التوحد أبطأ من غيرهم بخصوص تطوير لغتهم، أو قد لا يمتلكون لغة على الإطلاق أو لديهم مشاكل كبيرة في فهم اللغة المنطوقة أو استخدامها.
هناك ما يقارب الـ 40% من الأطفال المصابين بالتوحد لا يتحدثون على الإطلاق والبعض الآخر من الممكن أن يتحدثوا ولكن مهاراتهم اللغوية وقدرتهم في التواصل محدود للغاية.
أفضل طريقة لمساعدة طفلك على بناء مهارات الاتصال لديه وربما تعلم التحدث هي بدء العلاج في أسرع وقت ممكن. في الحقيقة إن التدخل المبكر هو المفتاح للأشخاص المصابين.
عادة ما يميل الأطفال المصابين بالتوحد إلى التواصل غالباُ من أجل الطلب أو الاعتراض على أمر ما، ويكونوا عادة أقل عرضة للتواصل لأسباب اجتماعية ، مثل مشاركة المعلومات.
غالبًا ما يجدون صعوبة في معرفة متى وكيف يتواصلون مع الأشخاص بطرق مناسبة اجتماعيًا. على سبيل المثال ، قد لا يقومون بالاتصال المباشر بالعين.
كلما تقدم الأطفال في السن نحو مرحلة البلوغ يمكن أن يصبح جزء منهم أكثر قدرة واستعدادا على الاختلاط والاندماج في البيئة الاجتماعية المحيطة، ومن الممكن أن يُظهروا اضطرابات سلوكية أقل من تلك التي تميز مرض التوحد، حتى أن بعضهم ينجح في عيش حياة عادية أو نمط حياة قريبا من العادي والطبيعي.
في المقابل، تستمر لدى آخرين بعض الصعوبات في المهارات اللغوية وفي العلاقات الاجتماعية المتبادلة، حتى أن بلوغهم يزيد فقط مشاكلهم السلوكية سوءا وتراجعا.
علاج مرض التوحد عند الأطفال
- علاجات السلوك والتواصل.
يرتبط مرض التوحد كما ذكرنا سابقًا ببعض الصعوبات السلوكية، والاجتماعية، واللغوية، وبالتالي تتضمّن علاج السلوك والتواصل العديد من البرامج المُختلفة، منها ما يعمل على إكساب الطفل مهاراتٍ جديدة وتقليل المشاكل السلوكية، ومنها ما يُركّز على تعليم الأطفال المُصابين بالتوحّد طريقة التفاعل الصحيحة تجاه المواقف الاجتماعية المُختلفة التي قد يتعرضون لها، وتعليمهم كيفية التواصل مع الآخرين بشكلٍ أفضل.
- العلاجات التربوية
تتضمّن العلاجات التربوية مجموعة من البرامج التربوية شديدة التنظيم، والتي تعمل على تحسين وتطوير المهارات الاجتماعية والتواصل والسلوكيات.
لنجاح هذا النّوع من العلاجات يجدُر توافر فريق من المُختصين، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من النشاطات، وقد أثبتت التجارب أنّ تطبيق هذه التدخلات السلوكية بشكلٍ مُكثّف وفردي لأطفال التوحّد الذين تقع أعمارهم ضمن فئة ما قبل المدرسة، من شأنه تحقيق التطور المطلوب والإستجابة الجيدة.
- العلاجات العائلية
تتمثل العلاجات العائلية بتعليم الوالدين وأفراد العائلة بشكلٍ عام كيفية التفاعل واللعب مع أطفالهم المُصابون بالتوحّد، ممّا يضمن تحقيق مجموعة من النتائج، بما يتضمّن تعزيز مهارات التفاعل الاجتماعي، والتحكّم بالسلوكيات غير الصحيحة، وتعلّم مهارات الحياة اليومية، بالإضافة إلى التّواصل السليم.
- علاج النطق
يُساعد علاج النطق على تجاوز مشاكل التواصل التي قد يُعاني منها المُصابين بمرض التوحد، ويُمكن تحقيق ذلك عن طريق الاستعانة بأخصائي النطق لتعليم المُصاب بالتوحّد الآتي
- كيفية مُطابقة تعابير وجهه مع ما يشعر به.
- كيفية تفسير لغة الجسد.
- طريقة الرد على الأسئلة.
- العمل على تعليمه كيفية إيجاد وملاحظة الفروق الدقيقة في نبرات الصوت.
- المُساعدة على تقوية طريقة النّطق وزيادة وضوحها.
- العلاج الوظيفي
يتضمّن العلاج الوظيفي (بالإنجليزية: Occupational therapy) تطوير المهارات اللازمة للحياة اليومية، وتحقيق نوع من الاعتماد على الذات والاستقلال.
في البداية يتمّ تدريب المُصاب على ذلك من خلال جلسات علاجية تتراوح مدّتها في العادة بين 30-60 دقيقة، وبعد مرور فترة مُعينة، يستطيع المُصاب البدء بتجربة وتطبيق هذه المهارات خارج أوقات جلسات التدريب، ومن المهارات التي يتمّ تعليمها للطّفل المُصاب بالتوحد خلال جلسات العلاج الوظيفي: ارتداء الملابس دون أي مساعدة، وأسس النظافة الشخصية، وبعض المهارات الحركية الدقيقة.
- حصص المهارات الاجتماعية
تهدف حصص المهارات الاجتماعية كما تُظهر التسمية إلى المُساعدة على تحسين طريقة التفاعل الاجتماعي للطّفل المُصاب بالتوحد مع الآخرين، بالإضافة إلى تعليمه كيفية تكوين روابط اجتماعية معهم، ويُمكن التدريب وتطبيق هذه الحصص في مُختلف الأماكن؛ كالمنزل، أو المدرسة، أو المجتمع، وتُدار هذه الحصص عن طريق الأخصائي.
- نظام التواصل عن طريق تبادل الصور
(بالإنجليزية: Picture exchange Communication system)
يعمل نظام التواصل وتبادل الصور على تعليم الأطفال المصابين بالتوحد استخدام الصور للدلالة والحصول على الأشياء وممارسة النّشاطات، أيّ أنّه مُصمّم لبعض الحالات الخاصة؛ كعدم التحدث أو بطء الاستيعاب، أو إيجاد صعوبة في الفهم.
أوضحت الأبحاث أنّ اتباع هذا النّظام قد يُحقق بعض التطور في مشاكل التواصل التي يواجهها المُصابون بالتوحّد، إلّا أنّ تأثيره في مشاكل النّطق يكاد يكون معدومًا، ومن سلبيات هذا النظام أنّه لا يكون فعّالًا للأطفال الذين لا يرغبون بالتواصل بشكلٍ عام، أو الذين لا يمتلكون أيّ اهتمام أو رغبة تجاه أشياء أو أنشطة أو أطعمة مُعينة.
- العلاجات الدوائية
تتوفر مجموعة من الأدوية التي قد يصِفها الطبيب المُختصّ للسّيطرة على بعض الأعراض لدى مريض التوحّد، فعلى سبيل المثال؛ قد يُعاني المُصاب بمرض التوحد من مشاكلٍ سلوكيةٍ شديدة ويُمكن تخفيف المشاكل السلوكية المُصاحب للتوحد بطرق علاجية مختلفة من بينها استخدام الأدوية المضادة للذهان. (بالإنجليزية: Antipsychotics)
وقد يصف الطبيب أدوية مضادة للاكتئآب، وأدوية فرط الحركة، للأطفال الذين يشعرون بالقلق.
هل يحب الطفل مريض التوحد الحضن (العناق) ؟
يجب الانتباه الى اختلاف السلوك من طفل لآخر، إذ أنه يظل الأطفال المصابون بمرض التوحد بحاجة إلى الحب والعاطفة من الأم والأب والمحيطين بهم، إلا أن هناك تفاوت واختلاف بين المصابين في رغبتهم في التلامس وإظهار العاطفة الجسدية. ذلك أنه يختلف أطفال التوحد في حبهم وتفضيلهم للتلامس الجسدي، إذ يظهر البعض رغبة في عناق أحدهم، إلا أن البعض الآخر لا يفضل التواصل الجسدي والتلامس مع الآخرين، وعليه يجب مراعاة ذلك وتجنب عمله وعمل أي شيء آخر لا يفضله طفل التوحد.
اترك رد